عدم التدقيق فى المسميات والصفات آفة مصرية صميمة، وقد زادت هذه الآفة تضخماً وسرطانية بعد الثورة، صارت تطلق الصفات بلا حساب وبمنتهى الكرم الحاتمى، «الثوار» صارت تطلق على كل من هب ودب، لدرجة أنها انحصرت عند البعض على رواد استوديو «الجزيرة مباشر» إلى أن ابتذلت الكلمة وفقدت معناها!!، وأيضاً كلمة الشهيد التى أغدقت على ناس وحرم منها آخرون ولم نعرف حتى الآن المعيار الحقيقى للشهيد ولا للثائر، أما المليونية فحدث ولا حرج.

وصلتنى رسالة تعلق على مشكلة هذا الخلط وعدم تحديد المصطلحات من الدكتور يحيى نور الدين طراف، الذى عودنا على تعليقاته الذكية، يقول د. يحيى: جاء بأهرام 14/7 صفحة ١٧ أن الاتحاد المصرى للثقافة الرياضية سوف ينظم بالتعاون مع الاتحاد المصرى للشركات «الماراثون الأولمبى» تحت شعار «الرياضة تسامح»، وذلك بمناسبة مشاركة مصر فى دورة الألعاب الأولمبية لندن ٢٠١٢، مساء اليوم السبت 14/7 داخل حرم استاد القاهرة. ويرعى الاحتفالية رئيس المجلس القومى للرياضة ورؤساء اللجنة الأولمبية والبعثة الأولمبية فى لندن واتحاد الشركات واتحاد الثقافة الرياضية، وعدد كبير من رؤساء الاتحادات الرياضية وأبطال مصر الفائزين بميداليات أولمبية سابقة، وممثلون لاتحاد الشركات والجامعات والمدارس.

ومرة أخرى نوجه عناية المعنيين أن كلمة «ماراثون» ليست مرادفاً لكلمة سباق، وإنما تطلق تحديداً على سباق للعدو يخترق شوارع وضواحى المدن وليس فى مضمارات الاستادات الرياضية، يبلغ طوله بالتحديد ٤٢ كيلومتراً و١٩٥ متراً. فإذا قلت مسافة السباق عن تلك المسافة (أو زادت) سمى السباق بمسافته؛ كأن نقول سباق نصف الماراثون أو ثلث الماراثون أو سباق العشرة أو الخمسة كيلومترات وهكذا. ومن عجب أن يحدث هذا «التسامح» فى استعمال اللفظ الأولمبى العريق من قبل مسئولى الرياضة المصرية والأولمبية والثقافة الرياضية عشية دورة لندن، التى تشترك فيها مصر بأكبر بعثة، والتى تنظم بالضرورة سباقاً للماراثون فى آخر أيامها كدأب كل الدورات السابقة. اللهم إلا إذا كان ذلك مقصوداً حتى يندرج أيضاً تحت شعار «الرياضة تسامح».

وليس يفوتنى أن أنوه بأن نفس الشىء يحدث فى استعمال كلمة «مليونية»، فأصبحت تطلق على كل اعتصام أو مظاهرة سواء بلغ عدد من فيها مليوناً كما هو المفروض أو لا، حتى إن بعض الصحف والفضائيات لتقول فى تغطيتها إن هناك مليونية اشترك فيها بضعة آلاف من المتظاهرين!. وتعميم الألقاب هذا امتد لما هو أبعد من ذلك، فدأبت الكثير من وسائل الإعلام على إطلاق لقب الأستاذ على كل من تنتظمه أسوار الجامعة سواء كان على درجة الأستاذ بالفعل أو دونها، فقرأت يوماً فى صفحة الحوادث بإحدى الصحف أن فلاناً صاحب الخبر هو أستاذ بجامعة كذا يعمل فى وظيفة مدرس مساعد!.